قال الامام الغزّالي رحمه الله في كتاب فضائح الباطنية عن النصيرية قائلا
"إن هذه الدعوة لم يفتتحها منتسب الى ملة ولا معتقد لنحلة معتضد بنبوة فإن
مساقها ينقاد إلى الانسلال من الدين كانسلال الشعرة من العجين" وقال فيهم ,
أنهم قالوا "قد تفاقهم أمر محمد واستطارت في الأقطار دعوته حتى استولوا
على ملك أسلافنا و انهمكوا في التنعم في الولايات, فلا مطمع لمقاومتهم
بقتال و لا سبيل لاستنزال عما أصروا عليه إلا بمكر و احتيال ,
فسبلينا ان ننتحل عقيدة طائفة منهم هم (اركهم عقولا و أسخفهم رأيا و
ألينهم عريكة لقبول المحالات) وأطوعهم للتصديق بالأكاذيب المزخرفات ,فنتحصن
بالانتساب إليهم و الاعزاء إلى أهل البيت عن شرهم. ونتودد إليهم ونتباكى
على ما حل بآل محمد ونتوصل به إلى تطويل اللسان في أئمة سلفهم الذين هم
أسوتهم و قدوتهم . حتى أذا قبحنا أحوالهم في أعينهم وما ينقل إليهم من
شرعهم بنقلهم و رواياتهم اشتد عليهم باب الرجوع إلى الشرع وسهل علينا خلعهم
عن الدين"(1).
كان الغزّالي من اكثر الناس ربما معرفة بالباطنيين الذين دخل بينهم لمعرفتهم عن كثب , وكلامه يفسّر كثير من افعال و اقوال هؤلاء الذين انتسبوا الى الاسلام تغطية لرغباتهم . و لكن لو غضضنا النظر لوهلة عن كلام الغزّالي , فهل سنحتاج تفسيره اذا ننظر لتاريخهم ؟
أورد ابن كثير في احداث سنة 717 هـ ظهر في جبال بلاطنس من عمل اللاذقية رجل من النصيرية ادعى انه المهدي محمد بن الحسن العسكري , وزعم تارة انه علي بن أبي طالب و طورا أنه محمد بن عبدالله صاحب البلاد و صرح بكفر المسلمين و ان النصيرية على حق , واحتىوى هذا الرجل عقول كثير من كبار النصيرية , فتبعه من النصيرية خلق نحو 3000 الاف ,وهجم على جبلة و الناس في صلاة الجمعة فنهب أموالها و قتل اهلها و خرجوا منها يقولون لا إله الا علي و لا حجاب الا محمد و لا باب الا سلمان و سبّوا الشيخين , فصاح أهل البلد و إسلاماه , وا سلطاناه وا أميراه , فلم يكن لهم يومئذ ناصر و لا منجد و جعلوا يبكون و يتضرعون الى الله , فجمع ذلك الضال تلك الاموال و قال "لم يبق للمسلمين ذكر ولا دولة ولو لم يبق معي سوى عشرة انفس لملكنا البلاد كلهاّ ونادى في تلك البلاد بالمقاسمة بالعشر كي يرغب الفلاحين فيه وامر اصحابه بإخراب المساجد و اتخاذها خمارات و كانوا يقولون لمن يأسرونه من المسلمين "قل لا اله الا علي , واسجد لإلهك المهدي الذي يحيي و يميت حتى تحقن دمك ويكتب لك فرمان" فجردت إليهم الجنود من طرابلس فهزموهم وقتلوا منهم خلقا كثيرا ومنهم مهديهم الضال (2)
عندما غزا الصليبيون ديار المسلمين حاصروا مدينة انطاكية ,كان النصيرية ينزلون الى السواحل من جبالهم ليقدموا للصليبيين ما يحتاجون اليه , واستمر الحصار7 شهور , كاد الجوع و التعب يفتك بالصليبيين , كان هناك حارس على احد الابراج في المدينة وهو النصيري (فيروز) الذي عينه الامير السلجوقي (ياغسيان) ,فقان هذا الحارس بالاتصال بالقائد الصليبي بوهيموند ليسلمه البرج مقابل هبات و عطايا يأخذها مقابل ذلك. وتم الاتفاق .عند الفجر دخل الصليبيون المدينة واستباحوها عن بكرة ابيها (3) و كان النصيرية كما يقول ابن تيمية فيهم "و من المعلوم عندنا أن السواحل الشامية إنما استولى عليها النصارى من جهتهم وهم دائما مع كل عدو للمسلمين "(4) . و بالحديث عن ابن تيمية في فتواه المشهورة, فبالرغم من فتواه التي ينظر البعض اليها على انها شديدة و قاسية , فقد أورد ابن كثير في البداية و النهاية انه في عام 699 هـ أخرج نائب السلطنة في دمشق جمال الدین أقوش الأفرم جیشا مًن دمشق في یوم الجمعة في 20 / شوال/699 ھ، وخرج ابن تیمیة ومعه خلق كثیر من المتطوعة والحوارنة، لقتال أھل تلك الناحیة بسبب فساد دینھم وعقائدھم وكفرھم وضلالھم، وما كانوا عاملوا به عساكر المسلمین فھزمھم جیش المسلمین، وجيء برؤسائهم إلى الشيخ ابن تیمیة، فاستتابھم وبین للكثیر منھم الصواب وحصل بذلك خیر كثیر، والتزموا برد ما كانوا أخذوه من أموال الجیش، وقرر علیھم لبیت المال أموالا كًثیرة، وأقطعت أراضیھم وضیاعھم الملة، وما كانوا قبل ذلك یلتزمون أحكام ولا یدینون دین الحق ولا یحرمون ما حرم لله ورسوله , وفي سنة 704 ھ، عاد ابن تیمیة لمقاتلة ھؤلاء ومعه جماعة من أصحابه، فاستتابوا خلقا كًثیرا مًنھم وألزموھم بشرائع الإسلام“ (5) , ولعل فتواه خرجت بعد رؤيته لعدم جدوى هدايتهم بعد كل خياناتهم ونقضهم المستمر للعهود .
بل إن فتوى الغزّالي رحمه الله ربما هي أشد قسوة من فتوى ابن تيمية , حيث يقول الغزّالي "و القول الوجيز فيه أن يسلك فيهم مسلك المرتدين في النظر في الدم و المال و النكاح و الذبيحة و قضاء العبادات , اما الأرواح فلا يسلك بهم مسلك الكافر الأصلي , إذ يتخير الامام في الكافر الاصلي بين أربع خصال و لا يتخير في حق المرتد ,بل لا سبيل لاسترقاقهم ولا الى قبول الجزية منهم ولا الى المن و الفداء و انما الواجب قتلهم و تطهير وجه الارض منهم و ليس يختص جواز قتلهم ولا وجوبه بحالة قتالهم ,بل نغتالهم و نسفك دماءهم و اما صبيانهم عرضنا عليهم الاسلام فإن قبلوا قبل اسلامهم و أن أصروا على كفرهم متبعين فيه آباءهم مددنا سيوف الحق الى رقابهم , اما النسوان فإنا نقتلهم مهما صرحن بالاعتقاد الذي هو كفر على مقتضى ما قررناه" (6). وهذا كان قبل دخول التتار الى بلاد المسلمين.
و عند دخول التتار لبلاد المسلمين , كان النصيرية من اقل الناس قتالا لهم ان لم يكونوا اكثرهم تعاونا معهم ,يقول محمد كرد علي , عند دخول التتار لبلاد الشام ,انه في عام 699 و في اثناء هروب الناس من الشام الى لبنان أمسك بهم اهل كسروان (وهم جلهم من النصيرية و المجوس ) ونهبوهم و قتلوهم كثيرا ,بل أنهم أمسكوا بعضا منهم و باعوه للفرنج (7).
يقول محمد غالب الطويل وهو نصيري في كتابه (تاريخ العلويين) "جاءت درة الصدف بنت سعد الانصار الى تيمور لنك (والذي قال عنه الكاتب بأنه علوي محض من ناحية العقيدة ) ومعها اربعون بنتا (باكرة) من بنات العلويين وهي تبكي و تنوح وتطلب الانتقام لأهل البيت فوعدها تيمور لنك بالثأر فكان ذلك سببا في الفظائع مما نزل بأهل الشام مما لم يسمع به أحد (8) .
و كان تاريخ النصيرية منذ ايام صلاح الدين مليء بالكراهية نحو الاسلام , وقد تجلى ذلك بمحاولة الحكام منذ صلاح الدين مرورا بالظاهر بيبرس و السلطان محمد قلاوون و السلاطين العثمانيين سليم الثاني و ابراهيم محمد علي باشا و عبدالحميد الثاني ,محاولة اصلاحهم , فقد بنوا لهم المساجد وكانوا كل مرة يخربونها و يحولونها لبيوت او حظائر للحيوانات او خرائب (9) و كتب ابن بطوطة في كتابه (تحفة النظار في عجائب الامصار) قائلا : "قد حرص الظاهر بيبرس على القضاء عليهم عن طريق إلزامهم ببناء المساجد في كل قرية، ولكنهم " بنوا بكل قرية مسجدا بعيدا عن العمارة، ولا يدخلونه ولا يعمرونه، وربما أوت إليه مواشيهم ودوابهم وربما وصل الغريب إليهم فينزل بالمسجد، ويؤذن إلى الصلاة فيقولون: لا تنهق علفك يأتيك" (10).
و بعد ان رحل التتار و الصليبيين , كان ابلغ ما قيل فيهم ربما هو قول محمد ابو زهرة "وقد كانت النصیریة أثناء الھجمة على العالم الإسلامي عونا لًلصلیبیین على المسلمین، ولمااستولوا على بعض دیار المسلمین، قربوھم وأدنوھم، وعندما تمكن المسلمون من طرد
الصلیبیین، اعتصم النصیریون في جبالھم، واقتصر عملھم على تدبیر المكائد والفتن، ولما أغارالتتار بعد ذلك على بلاد الشام، مالأھم أولئك كما مالأوا الصلیبیین من قبل، فمكنوا للتتار من الرقاب، حتى إذا انحسرت غارات التتار، قبعوا في جبالھم قبوع القواقع في أصدافھا، لینتھزوا فرصة أخرى" (11). و لا زالوا على هذه الحال منذ ذلك الزمان , التاريخ يتكرر و الوجوه فقط ما يتغير.
(1) فضائح الباطنية : الامام ابو حامد الغزّالي ص 26 -27
(2) البداية و النهاية : ابن كثير احداث سنة 717 ص 2147 طبعة بيت الأفكار الدولية لبنان 2004 , خطط الشام : محمد كرد علي المجلد 2 ص 143 .
(3) أثر الحركات الباطنية في عرقلة الجهاد ضد الصليبيين : يوسف الشيخ عيد ص 254
(4) الفتاوى لابن تیمیة: ج 35 / ص 150-151
(5) البدایة والنھایة لابن كثیر، ج 14 / ص 35 ،12 ، طبعة دار الفكر – بیروت 1978
(6) فضائح الباطنية ص 141-142
(7) خطط الشام : المجلد 2 ص 138 .
(8) تاريخ العلويين : محمد امين غالب الطويل ص 329 نسخة مطبعة الترقي , ص 390 نسخة مطبعة الاندلس .
(9) خطط الشام المجلد الثاني و الثالث
(10) رحلة ابن بطوطة المسماة: تحفة النظار في غرائب الأمصار المجلد الاول ص 96
(11) تاريخ المذاهب الاسلامية : محمد ابو زهرة طبعة دار الفكر القاهرة – ص 52-53
كان الغزّالي من اكثر الناس ربما معرفة بالباطنيين الذين دخل بينهم لمعرفتهم عن كثب , وكلامه يفسّر كثير من افعال و اقوال هؤلاء الذين انتسبوا الى الاسلام تغطية لرغباتهم . و لكن لو غضضنا النظر لوهلة عن كلام الغزّالي , فهل سنحتاج تفسيره اذا ننظر لتاريخهم ؟
أورد ابن كثير في احداث سنة 717 هـ ظهر في جبال بلاطنس من عمل اللاذقية رجل من النصيرية ادعى انه المهدي محمد بن الحسن العسكري , وزعم تارة انه علي بن أبي طالب و طورا أنه محمد بن عبدالله صاحب البلاد و صرح بكفر المسلمين و ان النصيرية على حق , واحتىوى هذا الرجل عقول كثير من كبار النصيرية , فتبعه من النصيرية خلق نحو 3000 الاف ,وهجم على جبلة و الناس في صلاة الجمعة فنهب أموالها و قتل اهلها و خرجوا منها يقولون لا إله الا علي و لا حجاب الا محمد و لا باب الا سلمان و سبّوا الشيخين , فصاح أهل البلد و إسلاماه , وا سلطاناه وا أميراه , فلم يكن لهم يومئذ ناصر و لا منجد و جعلوا يبكون و يتضرعون الى الله , فجمع ذلك الضال تلك الاموال و قال "لم يبق للمسلمين ذكر ولا دولة ولو لم يبق معي سوى عشرة انفس لملكنا البلاد كلهاّ ونادى في تلك البلاد بالمقاسمة بالعشر كي يرغب الفلاحين فيه وامر اصحابه بإخراب المساجد و اتخاذها خمارات و كانوا يقولون لمن يأسرونه من المسلمين "قل لا اله الا علي , واسجد لإلهك المهدي الذي يحيي و يميت حتى تحقن دمك ويكتب لك فرمان" فجردت إليهم الجنود من طرابلس فهزموهم وقتلوا منهم خلقا كثيرا ومنهم مهديهم الضال (2)
عندما غزا الصليبيون ديار المسلمين حاصروا مدينة انطاكية ,كان النصيرية ينزلون الى السواحل من جبالهم ليقدموا للصليبيين ما يحتاجون اليه , واستمر الحصار7 شهور , كاد الجوع و التعب يفتك بالصليبيين , كان هناك حارس على احد الابراج في المدينة وهو النصيري (فيروز) الذي عينه الامير السلجوقي (ياغسيان) ,فقان هذا الحارس بالاتصال بالقائد الصليبي بوهيموند ليسلمه البرج مقابل هبات و عطايا يأخذها مقابل ذلك. وتم الاتفاق .عند الفجر دخل الصليبيون المدينة واستباحوها عن بكرة ابيها (3) و كان النصيرية كما يقول ابن تيمية فيهم "و من المعلوم عندنا أن السواحل الشامية إنما استولى عليها النصارى من جهتهم وهم دائما مع كل عدو للمسلمين "(4) . و بالحديث عن ابن تيمية في فتواه المشهورة, فبالرغم من فتواه التي ينظر البعض اليها على انها شديدة و قاسية , فقد أورد ابن كثير في البداية و النهاية انه في عام 699 هـ أخرج نائب السلطنة في دمشق جمال الدین أقوش الأفرم جیشا مًن دمشق في یوم الجمعة في 20 / شوال/699 ھ، وخرج ابن تیمیة ومعه خلق كثیر من المتطوعة والحوارنة، لقتال أھل تلك الناحیة بسبب فساد دینھم وعقائدھم وكفرھم وضلالھم، وما كانوا عاملوا به عساكر المسلمین فھزمھم جیش المسلمین، وجيء برؤسائهم إلى الشيخ ابن تیمیة، فاستتابھم وبین للكثیر منھم الصواب وحصل بذلك خیر كثیر، والتزموا برد ما كانوا أخذوه من أموال الجیش، وقرر علیھم لبیت المال أموالا كًثیرة، وأقطعت أراضیھم وضیاعھم الملة، وما كانوا قبل ذلك یلتزمون أحكام ولا یدینون دین الحق ولا یحرمون ما حرم لله ورسوله , وفي سنة 704 ھ، عاد ابن تیمیة لمقاتلة ھؤلاء ومعه جماعة من أصحابه، فاستتابوا خلقا كًثیرا مًنھم وألزموھم بشرائع الإسلام“ (5) , ولعل فتواه خرجت بعد رؤيته لعدم جدوى هدايتهم بعد كل خياناتهم ونقضهم المستمر للعهود .
بل إن فتوى الغزّالي رحمه الله ربما هي أشد قسوة من فتوى ابن تيمية , حيث يقول الغزّالي "و القول الوجيز فيه أن يسلك فيهم مسلك المرتدين في النظر في الدم و المال و النكاح و الذبيحة و قضاء العبادات , اما الأرواح فلا يسلك بهم مسلك الكافر الأصلي , إذ يتخير الامام في الكافر الاصلي بين أربع خصال و لا يتخير في حق المرتد ,بل لا سبيل لاسترقاقهم ولا الى قبول الجزية منهم ولا الى المن و الفداء و انما الواجب قتلهم و تطهير وجه الارض منهم و ليس يختص جواز قتلهم ولا وجوبه بحالة قتالهم ,بل نغتالهم و نسفك دماءهم و اما صبيانهم عرضنا عليهم الاسلام فإن قبلوا قبل اسلامهم و أن أصروا على كفرهم متبعين فيه آباءهم مددنا سيوف الحق الى رقابهم , اما النسوان فإنا نقتلهم مهما صرحن بالاعتقاد الذي هو كفر على مقتضى ما قررناه" (6). وهذا كان قبل دخول التتار الى بلاد المسلمين.
و عند دخول التتار لبلاد المسلمين , كان النصيرية من اقل الناس قتالا لهم ان لم يكونوا اكثرهم تعاونا معهم ,يقول محمد كرد علي , عند دخول التتار لبلاد الشام ,انه في عام 699 و في اثناء هروب الناس من الشام الى لبنان أمسك بهم اهل كسروان (وهم جلهم من النصيرية و المجوس ) ونهبوهم و قتلوهم كثيرا ,بل أنهم أمسكوا بعضا منهم و باعوه للفرنج (7).
يقول محمد غالب الطويل وهو نصيري في كتابه (تاريخ العلويين) "جاءت درة الصدف بنت سعد الانصار الى تيمور لنك (والذي قال عنه الكاتب بأنه علوي محض من ناحية العقيدة ) ومعها اربعون بنتا (باكرة) من بنات العلويين وهي تبكي و تنوح وتطلب الانتقام لأهل البيت فوعدها تيمور لنك بالثأر فكان ذلك سببا في الفظائع مما نزل بأهل الشام مما لم يسمع به أحد (8) .
و كان تاريخ النصيرية منذ ايام صلاح الدين مليء بالكراهية نحو الاسلام , وقد تجلى ذلك بمحاولة الحكام منذ صلاح الدين مرورا بالظاهر بيبرس و السلطان محمد قلاوون و السلاطين العثمانيين سليم الثاني و ابراهيم محمد علي باشا و عبدالحميد الثاني ,محاولة اصلاحهم , فقد بنوا لهم المساجد وكانوا كل مرة يخربونها و يحولونها لبيوت او حظائر للحيوانات او خرائب (9) و كتب ابن بطوطة في كتابه (تحفة النظار في عجائب الامصار) قائلا : "قد حرص الظاهر بيبرس على القضاء عليهم عن طريق إلزامهم ببناء المساجد في كل قرية، ولكنهم " بنوا بكل قرية مسجدا بعيدا عن العمارة، ولا يدخلونه ولا يعمرونه، وربما أوت إليه مواشيهم ودوابهم وربما وصل الغريب إليهم فينزل بالمسجد، ويؤذن إلى الصلاة فيقولون: لا تنهق علفك يأتيك" (10).
و بعد ان رحل التتار و الصليبيين , كان ابلغ ما قيل فيهم ربما هو قول محمد ابو زهرة "وقد كانت النصیریة أثناء الھجمة على العالم الإسلامي عونا لًلصلیبیین على المسلمین، ولمااستولوا على بعض دیار المسلمین، قربوھم وأدنوھم، وعندما تمكن المسلمون من طرد
الصلیبیین، اعتصم النصیریون في جبالھم، واقتصر عملھم على تدبیر المكائد والفتن، ولما أغارالتتار بعد ذلك على بلاد الشام، مالأھم أولئك كما مالأوا الصلیبیین من قبل، فمكنوا للتتار من الرقاب، حتى إذا انحسرت غارات التتار، قبعوا في جبالھم قبوع القواقع في أصدافھا، لینتھزوا فرصة أخرى" (11). و لا زالوا على هذه الحال منذ ذلك الزمان , التاريخ يتكرر و الوجوه فقط ما يتغير.
(1) فضائح الباطنية : الامام ابو حامد الغزّالي ص 26 -27
(2) البداية و النهاية : ابن كثير احداث سنة 717 ص 2147 طبعة بيت الأفكار الدولية لبنان 2004 , خطط الشام : محمد كرد علي المجلد 2 ص 143 .
(3) أثر الحركات الباطنية في عرقلة الجهاد ضد الصليبيين : يوسف الشيخ عيد ص 254
(4) الفتاوى لابن تیمیة: ج 35 / ص 150-151
(5) البدایة والنھایة لابن كثیر، ج 14 / ص 35 ،12 ، طبعة دار الفكر – بیروت 1978
(6) فضائح الباطنية ص 141-142
(7) خطط الشام : المجلد 2 ص 138 .
(8) تاريخ العلويين : محمد امين غالب الطويل ص 329 نسخة مطبعة الترقي , ص 390 نسخة مطبعة الاندلس .
(9) خطط الشام المجلد الثاني و الثالث
(10) رحلة ابن بطوطة المسماة: تحفة النظار في غرائب الأمصار المجلد الاول ص 96
(11) تاريخ المذاهب الاسلامية : محمد ابو زهرة طبعة دار الفكر القاهرة – ص 52-53