الأربعاء، 10 أكتوبر 2012

اليهودية و النصيرية ماذا حقا بينهم؟


في العادة لدى المسلمين يعتبر اليهود افضل من النصيريين لسبب واحد , وهو ان احدهم من (أهل الكتاب) بينما التالي من الحركات الباطنية التي تم تكفيرها على يد أكثر من عالم , ولكن بالرغم من ذلك هناك الكثير من التساؤلات تثار عن الشبه في تصرفاتهم و أسلوب تعاملهم مع الآخرين .
 من ذلك ان كلا القومين دينهم مبني على الكراهية , اليهودي يعتبر ان الغير يهودي او ما يسمونه (الجوييم) اقل من مرتبة البشر , يقول التلمود في ذلك " فإذا مات خادم ليهودى أو خادمة وكانا من الأجانب فلست ملزمًا بأن تقدم له التعازى باعتباره فقد إنسانًا، بل باعتباره فقد حيوانًا من الحيوانات المسخرة له".  و في النصيرية يعتبر النصيريون ان لعن و قتل كل من يحب الصحابة واجبا في عقيدتهم , يقول قداس الإشارة في دينهم "عن ابي شعيب محمد بن نصير النميري أنه قال "اللهم العن فئة أسست الظلم و الطغيان الذين هم التسعة رهط المفسدين (يقصد العشرة المبشرين بالجنة باستثناء علي و يذكرونهم بالاسم لاحقا) .. ,والعن المذهب الحنفي و الشافعي و الحنبلي و المالكي وكل من يعتقد في علي بن أبي طالب آكلا أو شاربا او مولودا او ناكحا" و يكرهون بشدة صلاح الدين الايوبي و كل القادة المسلمون.
و لا يغفل عنا كون اليهود اقلية منغلقة شأنها شأن النصيريين , الأمر الذي دعا النصيرية لأن يعوضوا هذا الامر باعتقادهم بأنهم شعب مختاربرغم كونه محتقرا في نفس الوقت , يقول المؤرخ الفرنسي فاليراس Weulersee في كتابه (دولة العلويين) "انها طائفة حبست نفسها في عزلة دينية وقد أصابتها عقدة نقص , شعب محتقر و لكنه مختار ,ففي اساس مركب النقص توجد رغبة للتعويض و يدون هذا ما كان يتسنى للطائفة ان تستمر في وجودها كجماعة مغقلة" ,  و كذلك اليهود الذين يقول تلمودهم  في ذلك:"إن الشعب المختار الذي يستحق الحياة الأبدية هم اليهود، وأما باقي الشعوب فمثلهم كمثل الحمير" . و من المعتقدات المتشابهة ان النصيرية يعتقدون ان الذبيح هو إسحاق عليه السلام و ليس إسماعيل حيث ورد في الأسوس احد كتبهم المقدسة (أما علمت أنّ الأنبياء، عليهم السلام، كانت الملائكة تأتيهم مثل إدريس وذو الكفل وإبراهيم الوفي، خليل الله، و((إسحاق الذبيح)) ويعقوب وإسرائيل الله، وما كان من أمثالهم".
و كان الانغلاق على الذات  سببا في تأسيس الاجتماعات السرية و المحافل, فقام اليهود بتأسيس الماسونية و جماعة النورانيين (Illuminati) والتي ينبغي لمن ينضم اليها المرور بطقوس تقضي عليه السرية المطلقة و ان يحلف بأغلظ الأيمان بأن لا يفشي سر الجماعة  , و كان الامر مشابها لدى النصيرية محافلهم السرية التي يحرم حتى على النساء الاطلاع عليها فيما يسمى ب(الخلوات) حيث يتعين على المنتسب لدينهم ان يمر بطقوس غريبة ابتداء من تزكيته عن طريق احد المشايخ الثقات و من ثم شرب الخمر و ان يضع حذاء سيده على رأسه و يتعهد 12 كفيلا بأن يقطعوه تقطيعا إن هو أفشى سرهم .
أدت هذه السرية في العمل الى أمر حتمي ,وهو التغلغل بهدوء حتى الوصول للهدف بأقل ضجة ممكنة تفاديا للنقمة التي يمكن ان تجرها عليهم مخططاتهم . يقول الاستاذ خليفة التونسي في كتاب (الخطر اليهودي بروتوكولات حكماء صهيون) "اجتمع في مؤتمر بال بسويسرا نحو ثلثمائة من أعتى حكماء صهيون كانوا يمثلون خمسين جمعية يهودية،وقد قرروا في المؤتمر خطتهم السرية لاستعباد العالم كله تحت تاج ملك من نسل داود، و كانت قرارتهم  فيه سرية محوطة بأشد أنواع الكتمان والتحفظ الا عن اصحابها بين الناس، اما غيرهم فمحجوبون عنها ولو كانوا من أكابر زعماء اليهود) , ما يشبه مؤتمرا اقامه النصيرية في حمص  في 18/تموز/1963 بعد انقلاب حزب البعث  بحوالي 4 شهور والذي أقر فيه انشاء دولة للعلويين و جعل عاصمتها حمص و زيادة نسبة النصيرية في الجيش و توطين اهل الجبال في المدن تجهيزا للمخطط .
بل وصل التشابه بين النصيرية و اليهود أن اول فرقة عسكرية يهودية كان اسمها (فرقة الدفاع) او الهاجانا , واول فرقة نصيرية عسكرية اسمها (سرايا الدفاع) .
و يتفانى النصيرية في انكارهم لدينهم  اما عن جهل او معرفة , شأنهم شأن اليهود الذين يكذبون البروتوكولات الصهيونية , ولكن الواقع لا يحتاج لشهادة احدهم كي يمكننا ادراك الحق من الزيف ,فصوت المدافع و الطائرات و اخبار الذبح بالسكاكين اقوى من أي متنطع منكر للحقيقة. و لن ننسى اتهام اليهود لمن ينتقدهم ب(معاداة السامية) و (العنصرية) و اتهام النصيرية لأعدائهم ب (الطائفية) و (التكفيرية) .. و لولا الاطالة في الكلام لتوسعنا اكثر في وصف اوجه الشبه الرهيبة بين كلا الطائفتين النصيرية و اليهودية لكن بعد الدلائل التي تم ذكرها , لا نعتقد اننا بحاجة للمزيد حتى ندرك ان خطر النصيرية أشد من الصهاينة كلهم.




الثلاثاء، 2 أكتوبر 2012

الجذور الاصلية للعقيدة النصيرية




إن أصـول العقيدة العلويـة النصيريـة تعود إلى مـذاهب وحركات ديـنيـةٍ مختلفـة، انتشـرت في بلاد الشام وغيرها من بـلدان الشرق الاوسط و الادنى قبل الاسلام , اقربهم جغرافيا لمنطقة جبال النصيرية الحالية هو معتقد نومونيوس الآفامي( من مدينة أفاميا، بقرب مدينة حماه الى غربها) لذي عاش خلال عام 250 ق.م , بالاضافة الكثير من الحركات الغنوسطية (او الغنوصية) (وهي تعتمد على معرفة الله عن طريق العقل حيث أن
Gnose  تعني المعرفة باليونانية و كانت من اولى الافكار التي حاولت اعطاء ترميز خفي للمعاني الظاهرية ويعتبر الدكتور جعفر الدندشي ان أي دراسة للغنوصية يجب ان تترافق مع دراسة للفرق الباطنية لكونها الوريث الفكري لها(1) ) ولعل أبرز ما يدل على ذلك اعتقادهم بأن الله تناسخ في عهد المسيح عليه السلام في جسد شمعون الصفا (2) الذي سمته الكنيسة بأبو الهراطقة و شمعون الساحر(3)  ,وقد اخذا ايضا من معتقد  ماني الفارسي الذي عاش في القرن الثالث للميلاد ,وهناك الكثير من اقتباسات في معتقد النصيرية من  الفلاسفة مثل أرسطو ,سقراط , افلاطون ,والاسكندر الافريدوسي حيث ترد اسماؤهم كثيرا في كتبهم الدينية (4) بل وإن النصيرية يعتبرون أن ارسطو هو تناسخ لله (3).
اختلطت مع تلك المعتقدات مزيج من المجوسية  و المعتقدات الهندوسية مثل معتقد بتنجلي الهندي الذي عاش في القرنين الثاني و الثالث للميلاد (5). و تعتقد النصيرية كشأن باقي الفرق الباطنية بالتناسخ (6) فيعتقدون بأن السيئين من البشر تتناسخ ارواحهم في الحيوانات السيئة و من ذلك ما ورد في (الهفت الشريف) احد كتبهم علمائهم " اما تقرأ في كتاب الله تعالى  قوله (أولم يروا كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم) (7) فهؤلاء القشاش الذين تراهم الخنزير و الدب و الكلب و ابن آوى و ان عرس"(8) . و من ذلك اعتقادهم بأن الائمة لا يموتون بل تتبدل ارواحهم  ,يقول المفضل في هقته الشريف "إن ميلاد الامام و موته ليس بميلاد و موت وانما مثله مثل رجل لبس قميها و نزعه حينما شاء"(9) , كما ورد في سورة الاول من كتابهم المقدس (المجموع) " قال السيد ابو شعيب محمد بن نصيراذا نزلت بك نزلة بالحياة و دهن بك دهية بالممات فادع دعوة عالية خالصة مخلصة تقية نقية بيضاء علوية طاهرة  نورانية تخلصك من هذه القمصان البشرية اللحمية الدموية و تلحقك بالهياكل النورانية"(10).
كان الايمان بالتناسخ و الحلول من اشد ما دعم به النصيرية ألوهية علي بن ابي طالب رضي الله عنه, كما  يقول ابو محمد الجسري في (رسالة التوحيد) قائلا "قلنا نشهد أن المعنى هو الله رب العالمين "(11) والمعنى هو احد أسرار النصيرية (ع م س) حيث ان (ع) ترمز لعلي بن أبي طالب وهو المعنى (12) ,كما يقول ذلك الشيخ يوسف الحلبي المعروف بالنشّابي بأن (علي ليس ابن الله بل هو الله) (13). و كان للتعاقب الصوري دورا هام أيضا فكرة التناسخ فيقولون أن الله تناسخ في زمن آدم بجسد هابيل , وفي زمن نوح بيافث و في زمن يعقوب بيوسف و في زمن موسى بيوشع و في زمن سليمان بآصف و في زمن عيسى بشمعون الصفا (السابق ذكره) (14) حيث انهم من خلاله جعلوا للمختار لاهوت و ناسوت كما في المسيحية ,حتى أن جورج وايت نقل عن احد  علماء النصيرية قوله" لا تفصلنا عنكم معاشر المسيحية الا طبقة رقيقة هي ارق من قشرة البصل"  و قد ورد في كتاب (نص الشرائع) مقولة "يصح توحيد الثلاثة و تثليث الواحد و لا فرق و لا فاصل لأنه شيء واحد متعدد (!) فهو عالم مفرد وهم أنوار وما دون ذلك أجرام و اجسام ) 15ونقل تروبردج مقولتهم (انهم اقرب للمسيحية من الإسلام) (16) و ربما من هنا جاءت اسامي (القداسات) المشهورة في النصيرية (قداس الطيب , قداس البخور , قداس الاذان , قداس الاشارة) (17) و ايضا استحلال الخمر و الاحتفال بالأعياد المسيحية , الأمر الذي جعل المؤرخ الفرنسي الذي عايشهم لامانس يقول "ماذا بقي من الاسلام بعد كل هذا الخليط "(18). الامر الذي جعل الشهرستاني في كتابه الملل و النحل يخرجهم حتى من حديث ال72 فرقة التي تتفرق عن الاسلام (19).
يضيف في النهاية الدكتور جعفر الدندشي الباحث في شؤون الفرق الباطنية قائلا , ان استشهاد النصيرية بالانجيل و الفلاسفة يتكرر كثيرا في كتبهم لكن هذا لا يعني مطلقا ان عقيدتهم خليط من الاديان المختلفة بل هي ديانة منفردة كليا عن الديانات السماوية كلها. ويمكن تصنيفها من بين المذاهب الوارثة للفلاسفة بعد تزواجها مع الفكر الديني في سوريا وهي تشكل تيارا من تيارات الديانات الفارسية التي سبقت الاسلام كالمجوسية و المانية و الزرداشتية(20).



(1)    مقالة بعنوان (الجذور التاريخية للعقيدة النصيرية العلوية)
(2)    الباكورة السليمانية ص 17
(3)    أعمال الرسل ,الإصحاح الثامن.
(4)    كتاب تعليم الديانة النصيرية السؤال 43 وجوابه في المخطوط رقم 6182  في باريس.
(5)    كتاب التعليم ,المخطوط 1450 الصفحات 25-30 في باريس ,المخطوط رقم 19 مكتبة كيبل ألمانيا.
(6)    الموسوعة الاسلامية باللغة الفرنسية 2/1119 .
(7)    تحقيق ما للهند للبيروني  ص 38-44
(8)    لا توجد آية في القرآن هكذا , اقرب آية هي قوله تعالى (أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم) سورة السجدة آية 26
(9)    كتاب الهفت الشريف للمفضل الجعفي احد اوائل كتّاب و عماء النصيرية ص 163
(10)المرجع السابق ص 90
(11)كتاب المجموع السورة الاولى (سورة الاول)
(12)سورة الفتح (الخامسة) من كتاب المجموع
(13)المخطوط 1450 في باريس الورقات 37 – 136
(14)الباكورة السليمانية ص 17
(15)المخطوط 1450 الورقة 110
(16)النصيرية لتقي شرف الدين ص 126-127
(17)الباكورة السليمانية ص 274-282
(18)المرجع السابق.
(19)الملل و النحل للشهرستاني ص 222
(20)المرجع رقم 1